يتحدثون ليل نهار عن الإعلام المضلل والذين يسيئون
استخدام الإعلام لأغراض خاصة ويشوهون الإنجازات والنجاحات والتطويرات
وأشياء أخرى لا نعلمها نحن الإعلاميون، ومع ذلك فإننى أرى ضرورة محاكمة
الإعلام وكل من أساء إليه، وعلينا أن نحدد موقع هؤلاء لكى نحاسبهم ولا أعرف
مَن أحق بالمحاكمة، الزميل إبراهيم عيسى مثلا عن مقالاته وآرائه التى تدخل
تحت بند حرية التعبير والاختلاف والنقد الموضوعى، أم مَن سمح لكل من هبّ
ودبّ بالكتابة فى الصحف المصرية، ومنهم من صدر ضده أحكام مخلة بالشرف
للحديث فى شتى المجالات؟!
من يحاكم.. عبد الحليم قنديل
بوطنيته وتصدِّيه للاستبداد والفساد أم مَن أغلق الصحف للحديث عن أى قضية
فساد أو التلويح برأى مخالف لما يحدث حاليا من استبداد وظلم وقهر؟
الإعلام
الحر هو الذى يواجه وينقد ويفند ويشرح دون خوف أو رعب من سطوة البعض..
الإعلام الحر ليس إعلام المحاسيب والأصدقاء والأقارب وهو سمة الصحف حاليا
بنشر مقالات لشخصيات كان حلمها أن يذكر اسمها فى موضوع أو مقالة، فإذا بها
أصبحت نجوما تكتب كيفما شاءت دون حسيب أو رقيب لمجرد أنهم من الأهل أو
العشيرة..
مَن يحاكِم مَن؟.. الدخلاء على المهنة
والمرتزقة ومن تولوا أمورها فى غفلة من الزمن أم أبناء المهنة الحقيقيون
الذين يبحثون عن شمعة تنير لهم الطريق وتفتح لهم أبواب النجاة من أخطار
تهدد الإعلام وتعصف به؟.. إن الخطر الحقيقى الذى أصبح يهدد الإعلام أن يجلس
ويتحدث عنه أعداؤه الحقيقيون! فكارثة كبرى أن يبحث من يحاصر مدينة الإنتاج
عن ميثاق شرف أخلاقى للمهنة.. مصيبة أعظم أن يتحدث عن حرية الرأى من سعى
لتكبيلها بالقيود.. وصمة عار أن يناقش أوضاع الصحافة من يريد إغلاقها..
المحكمة الحقيقية التى يجب أن تكون لهؤلاء أعداء الحرية ودعاة الاستبداد..
أمر مؤسف أن يرتدى أصحاب ثوب القهر والعصف بالرأى ياقات الحرية.. العزف
النشاز الذى نشهده ونسمعه حاليا فى ساحة الإعلام جاء بعد أن أصبحت فرقة
الإعلام السائدة أشبه بفرقة حسب الله تدق طبول الحرب على الإعلام وأصحاب
الرأى تحت مسمى ميثاق الشرف، وهى تذكرنا بالرائع العملاق توفيق الدقن زعيم
اللصوص فى الأفلام بحديثه عن الشرف.
يتساءلون: لماذا
تراجعت الصحف القومية؟ الجواب عند من أعطى مساحات ضخمة للبعض ممن لا يحملون
حتى أى مؤهلات عليا أو دراسية للكتابة والحديث فى أمور لا يعرفونها بدعوى
أنهم نخبة، والحقيقة أنهم نكبة اُبتُلى بها الإعلام.. إن من خَلق الفوضى فى
مصر واستولى على ثورتها هم أنفسهم من يسعون إلى الفوضى الإعلامية ومحاولة
تدمير الإعلام والعصف به بكل السبل والطرق تحت مزاعم التنوير.
الإعلام
له أسس وقواعد ومبادئ ومن قبلهم رجاله الذين يدافعون عنه ويتصدون لحمايته،
ومن قبل وقف الصحفيون موقفا رائعا عام 95، عندما حاول البعض الإساءة إلى
الصحافة بقانون مشبوه فكانت الصرخة التى أسقطت القانون وأعادت كرامة
الصحفيين، والآن يعاودون الهجمة والنغمة النشاز لضرب الصحافة والاستيلاء
عليها تحت مسميات عديدة كالإعلام المضلل ونشر الفوضى وتكدير السلم العام
وأشياء أخرى هم أبطالها ومرتكبوها وفاعلوها، ومع ذلك يلقون بها فى عباءة
الصحافة، لكنهم لم ينجحوا وسيفشلوا مثلما فشلوا فى الاستيلاء على مقاليد
الأمة.
إذا كنتم تريدون محاكمة الإعلام فحاكموا هؤلاء
الذين يطبلون للحكام ويزينون أخطاءهم ويدافعون عن البطش والقهر ويلفقون
التهم ويعتدون على الأعراض. هؤلاء هم أحق بالمحاكمة، لا الصحفيون الشرفاء
الذين تصدوا طوال سنوات عديدة للدفاع عن حرية الرأى والصحافة.