الجمعة، 9 أغسطس 2013

فضيحه الجزيره مضلله الحق

وضعها الصراع مع الأنظمة السياسية المتلاحقة أثناء تغطيتها للأحداث داخل دائرة الجدل بين العديد من الفئات داخل وخارج مؤسسة السلطة، لكن استثناءها لمعارضة حكم جماعة الإخوان المسلمين والترويج لوجهة النظر التي تتبناها الجماعة وأنصارها من خلال ما تقدمه من تغطية، طوال السنة التي اعتلت فيها الجماعة كرسي الحكم ودفاعها الدائم وبجميع الوسائل عن الرئيس المعزول محمد مرسى- أثارت غضباً في الشارع المصري انعكس بطبيعة الحال على عدد من العاملين بمكتب قناة «الجزيرة مباشر مصر»، إحدى قنوات شبكة الجزيرة القطرية، بالتزامن مع قرار الفريق أول عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس مرسي من منصب رئاسة الجمهورية، وتحديداً عقب أحداث الحرس الجمهوري.
قبيل صعود الإخوان المسلمين للسلطة، في ظل حكم المجلس العسكرى برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى، وتحديداً في سبتمبر 2011، تعرض مكتب القناة في القاهرة للمداهمة مرتين متتاليتين من جانب السلطات المصرية، ممثلة في ضباط من الإدارة العامة لمباحث المصنفات الفنية وحقوق الملكية الفكرية، برفقة لجنة فنية من اتحاد الإذاعة والتليفزيون، بتهمة عمل القناة «دون استصدار التراخيص اللازمة». وقتها صرح أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق، بأن إغلاق مكتب قناة «الجزيرة مباشر مصر» مرتبط بعدم احترام القوانين المصرية، متهماً القناة بالبث دون ترخيص من السلطات.
انتهت المناوشات بين «الجزيرة» والسلطة بتولي جماعة الإخوان المسلمين مقاليد الحكم، لكن بعد وصول الجماعة بأقل من عام، ألقى مجهولون زجاجات مولوتوف على استديوهات القناة بميدان التحرير، إثر اتهام القناة متظاهري ميدان التحرير بالبلطجية أثناء تغطيتها لأحداث ذكرى محمد محمود الثانية.
لم يدم «شهر العسل» بين السلطات المصرية و«الجزيرة مباشر مصر» طويلاً، فخلال إذاعة خطاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع، الذي انتهى بـ«عزل» الرئيس محمد مرسي ونقل مسؤولية إدارة شؤون البلاد لرئيس المحكمة الدستورية، المستشار عدلي منصور، اقتحمت قوات الأمن استوديو القناة لتنفيذ قرار جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بوزارة الداخلية قطع البث عن القناة، وأيضاً عدد من القنوات الفضائية الدينية.
«صراعات الجزيرة» لم تقتصر على الصدامات المستمرة بين الحكومات وإدارة القناة، وبعد 30 يونيو جاء الصدام هذه المرة بين إدارة القناة التي تزعم تبنيها مبدأ «الرأي والرأي الآخر» وعدد كبير من العاملين بها ومراسليها في محافظات مصر المختلفة، على خلفية اعتراضهم على الأداء الإعلامي للقناة، خاصة الترويج لوجهة النظر التي تتبناها «الإخوان» وأنصارها، إلى حد بث أخبار مغلوطة أحياناً.
تمكنت «المصري اليوم» من الحصول على عدد من المراسلات بين مراسلي القناة وإدارتها، يعترضون فيها على سياسات القناة التحريرية وتعديل الأخبار التي يرسلونها لتصبح في صالح الجماعة على عكس واقع الأحداث، وكشفت هذه الرسائل عن بث إدارة القناة مسيرات مناهضة للإخوان على أنها مؤيدة، وتضخيم حجم المسيرات المؤيدة للرئيس المعزول، وإتاحة الفرصة لقيادات الإخوان في التحدث والتعليق على الأحداث مع تجاهل المعارضين للجماعة.
وفي رسالة لإدارة القناة، قال مراسل الجزيرة في البحيرة، محمد عيسوي، إن «القناة أذاعت جنازة لأحد ضحايا الإخوان المسلمين بمدينة دمنهور على أنها مسيرة لمؤيدي الرئيس مرسي، كما أذاعت مسيرة لتأييد قرارات الفريق أول عبد الفتاح السيسي بميدان الساعة على أنها مسيرة لتأييد الرئيس المعزول، رغم عدم إرسال المراسل ما يفيد بأنها مسيرات مؤيدة».
إيميلات مراسلي الجزيرة مباشر مصر
وفي واقعة مشابهة، أرسلت مراسلة القناة في محافظة الفيوم، هيام عزام، بريداً إلكترونياً للإدارة تعرب فيه عن استيائها من استعانة «الجزيرة مباشر مصر» بأحد الصحفيين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، الذي يشغل عضوية اللجنة الإعلامية لحزب الحرية والعدالة، للتحدث إلى القناة وتكذيب الأخبار التي أرسلتها إلى القناة عن مسيرات معارضة لجماعة الإخوان المسلمين، وادعائه أن المسيرات في مدينة الفيوم اقتصرت يومها على تأييد الرئيس المعزول.
إيميلات مراسلي الجزيرة مباشر مصر
وقالت «هيام»، في خطابها، إن تلك التصرفات «التي اعتادت أن تفعلها القناة في الفترة الأخيرة أدت إلى طردها من المتظاهرين المنظمين للمسيرات المعارضة للجماعة قبل أن تكمل تغطيتها للاحتجاجات». وأضافت: «أرجوكم يا جماعة لو مش محتاجين تغطية من مراسلي المحافظات، بلاش تحرجوهم وتتسببوا في طردهم بهذا الشكل».
الرسالة الثالثة، أرسلها مراسل محافظة كفر الشيخ أحمد عشري إلى أيمن جاب الله، مدير القناة، بتاريخ 21 يوليو، يخطره فيها بأن القناة تعرض معلومات مغلوطة عن المحافظة، تسببت في إحراجه واستقباله اتصالات تشكك في مصداقية القناة. ودلل «عشري» على كلامه بإذاعة القناة أخباراً عن مسيرات بعشرات الآلاف لمؤيدي الرئيس مرسي، بتاريخ معين، وهو ما لم يحدث، حسب رسالة المراسل.
إيميلات مراسلي الجزيرة مباشر مصر
 
وأكد المراسل أن القناة أذاعت أيضاً أخباراً كاذبة عن «اقتحام عدد من المؤيدين لقرارات الفريق أول عبد الفتاح السيسي إفطاراً جماعياً للمعارضين للقرار من أنصار الرئيس المعزول»، وهو ما كان سيؤدي إلى بلبلة كادت تتسبب في فتنة جديدة بين الطرفين، بحسب نص رسالته التي أرسلها لمدير القناة.
أما في محافظة البحر الأحمر، فأرسل مراسل القناة بالمحافظة كمال راشد رسالة إلى أيمن جاب الله، مدير القناة، يقول فيها إنه كان يغطي إحدى المسيرات التي نظمها مؤيدو الرئيس المعزول من أمام مسجد الميناء بالغردقة، وأرسل فيديو مصحوباً بخبر التغطية، لكنه فوجئ بأن القناة اعتمدت في تغطيتها على أحد الأشخاص الذي يُدعى «أ. ل» متحدثاً عن الأوضاع في البحر الأحمر، وذكر أن التظاهرات تُقدر بعشرات الآلاف، وهو ما لم يحدث، بحسب المراسل الذي أكد أن تكرار تلك الأخطاء يضعه في مواقف محرجة.
إيميلات مراسلي الجزيرة مباشر مصر
من جانبه، قال «جاب الله» في رسالة إلى «راشد»، إن القناة تستعين ببعض الصحفيين، بالإضافة إلى مراسلي القناة، لتغطية الأحداث، وهو ما يحدث في جميع المحافظات، بما فيها القاهرة.
ولم تقتصر خطابات المراسلين على إرسال الشكاوى عبر البريد الإلكتروني للقناة، حيث تقدم بعضهم بالاستقالة بسبب ما اعتبروه «عدم الحيادية وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة، فعقب أحداث الحرس الجمهوري بيومين تقريباً تقدم خلف أمين، مراسل القناة بمحافظة بني سويف، باستقالته، مؤكداً في تصريحات صحفية أن الاستقالة جاءت احتجاجاً على «عدم حيادية القناة أو التزامها بأخلاقيات المهنة في تناول الشأن المصري عقب أحداث 30 يونيو»، مضيفاً أن القناة على مدار عام ونصف العام عمل بها «لم تكن تبث إلا الأخبار الإيجابية لصالح الإخوان»، بحسب قوله.
وأوضح أنه «في أوقات أخرى كانت القناة تعتمد على قيادات الإخوان في المحافظة وأمين الإعلام بالحرية والعدالة بالمحافظة، للحصول على بعض المعلومات غير الصادقة والمُبالغ فيها»، كما كانت تتجاهل أي حراك سياسي قبل عزل الرئيس مرسي كحملة تمرد وغيرها من الحركات المناهضة للجماعة، بحسب تصريحات المراسل.
بعض المراسلين لم يكتفوا بالرسائل المعترضة على سياسة القناة التحريرية ولم يكتفوا أيضاً بالاستقالة، إذ أعلن حجاج سلامة، مراسل القناة في محافظة الأقصر، استقالته على الهواء مباشرة أثناء مداخلة هاتفية له على قناة «دريم 2»، صباح 8 يوليو، قال خلالها إنه «يستقيل بسبب عدم التزام الجزيرة بالأصول المهنية في التغطية الإعلامية، وإنها تثير الفتن بين أبناء الشعب المصري، ولديها أجندة ضد مصر وضد الكثير من البلدان العربية»، حسب قوله.
وأضاف «حجاج» أن القناة كانت تعطي توجيهات لكل العاملين لصالح جماعة الإخوان المسلمين، موضحاً أن «هناك تعليمات كانت تصل لنا لنشر أخبار بعينها لديهم».
وفي السياق نفسه، حصلت «المصري اليوم» على رسالة أرسلها منتج نشرة الأخبار، حسام سليمان، في 4 يوليو، بعد القبض على أيمن جاب الله، مدير القناة، يقول فيها: «مش عاوزين تسخين اليومين دول، جمال قال كده»، يقصد جمال ناجي، نائب أيمن جاب الله.
إيميلات مراسلي الجزيرة مباشر مصر
وتيرة الأحداث برمتها اضطرت رمضان عبد العظيم، أحد المحررين بمكتب القناة، إلى التقدم باستقالته بعد أحداث الحرس الجمهوري.
يقول «رمضان»، إن قرار استقالته لم يكن بسبب واقعة الحرس الجمهوري، لكنها كانت القشة التي قصمت ظهره، خاصة بعد انفراد القناة ببث الاشتباكات التي وصفها «بجر البلاد نحو فوضى لن يتحملها أحد منا».
في البداية، لاحظ «رمضان» عدم الاهتمام بالتظاهرات والفعاليات التي كانت تنظمها الحركات السياسية عندما وصل مرسي إلى السلطة، والتي كانت تركز عليها القناة في ظل حكم المجلس العسكري، لكن مع صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة تغير الأمر شيئاً فشيئاً، بحسب قوله.
ويوضح «رمضان» أنه بدأ يلمح شيئاً من تعمد الانحياز للجماعة، عندما رأى تعمد كاميرا القناة التقاط جانب المعارضين والتركيز عليهم في جمعة «تطهير القضاء» وإبراز السلاح الناري الذي كان بحوزة بعضهم مع إغفال صفوف الجماعة التي التقط لها عدد من الصور والفيديوهات وهم يحملون الأسلحة، وأمر المدير العام لشبكة القناة وقتها بالتركيز على مقاطع الفيديوهات التي التقطتها كاميرا القناة للمتظاهرين المعارضين للإخوان الذين كانوا يحوزون الأسلحة في صدارة الأخبار التي تبثها القناة، بحسب قوله.
عندما حاول «رمضان» الشكوى والمطالبة بتناول الحدث بموضوعية وتغطية الجانبين، نصحه مدير المكتب أحمد عبد الرؤوف بـ«ألا يجادل مع القائمين على القناة طالما أنهم مصممون على رأيهم».
ويؤكد «رمضان» أنه عقب 30 يونيو، بدأت القناة في بث أخبار مغلوطة وغير حقيقية، حوّلت فيها المظاهرات من معارضة لجماعة الإخوان المسلمين إلى مؤيدة. ويدلل على كلامه بأن القناة عرضت مقطع فيديو للشيخ حافظة سلامة يؤيد فيه الرئيس مرسى، ثم اتضح بعد ذلك أن مقطع الفيديو كان قديماً، وهو ما جعل حافظ سلامة يصدر بياناً يكذب ما بثته القناة، وفي كفر الشيخ تبدلت مسيرة مؤيدة لقرارات الجيش إلى أنها مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى.
عقب أحداث الحرس الجمهوري، استيقظ «رمضان» في غرفة الأخبار بالقناة على تغطية كاميرا الجزيرة الحصرية، مستشعراً أن ثمة من يجر الأحداث نحو النموذج السوري إعلامياً عن طريق القناة التي اعتمدت على رد الفعل أكثر في اللقاءات الميدانية التي فوضت فيها أنصار الجماعة إلى التحدث بكل أنواع التحريض وبث فيديوهات من المستشفى الميداني والاعتماد على تصريحات غير مسؤولين، فقرر وقتها «عدد كبير من العاملين بالمكتب تقديم استقالاتهم».