الاثنين، 22 أبريل 2013

11سنه مسجون منغير اتهام في غوانتامو

 صائم منذ 70 يوم

 

لندن ـ ‘القدس العربي’: اتهم محامو اخر معتقل بريطاني في غوانتانامو السلطات الامنية في امريكا وبريطانيا والسعودية حيث ولد بمحاولتها الابقاء عليه سجينا ومنع عودته لبريطانيا، حيث يقضي هناك منذ 11 عاما ولم توجه له السلطات الامريكية اية تهمة. وكشف المحامون ان شاكر عامر، قد تحدث الى محققين من شرطة اسكتلند يارد قابلوه في السجن ان ضباطا في وحدة الاستخبارات الداخلية ‘ام اي فايف’ والخارجية ‘ام اي -6′ البريطانيتين متورطون في تعذيبه.
وكان امر بالافراج عنه قد صدر في عام 2007 الا ان اي اجراءات لترحيله او اعادته الى بريطانيا التي كان يقيم فيها مع زوجته واطفاله لم تتخذ. وتقول صحيفة ‘اوبزيرفر’ ان ضابطين من الشرطة البريطانية قابلا عامر في غوانتانامو حيث احضرا معهما اكثر من 150 صفحة من شهادته واتهامات بان المخابرات البريطانية متورطة في تعذيبه، وتشمل الاتهامات اقوالا لعامر من ان ضباط الاستخبارات البريطانية كانوا متواجدين اثناء جلسات تعذيبه على ايدي الجنود الامريكيين وان ضباط الاستخبارات البريطانية قدموا اتهامات للاستخبارات الامريكية ‘سي اي ايه’ كانوا يعرفون انها مزيفة بما فيها معلومات تتهم عامر بعضوية تنظيم القاعدة.
ويتهم المحامون الذي يتولون ملف عامر السلطات البريطانية والسعودية بمحاولة ابقائه في السجن وعدم عودته الى بريطانيا لان عودته تعني تحوله الى شاهد رئيسي في التحقيق الذي تقوم به اسكتلند يارد في تورط بريطانيا في عمليات التعذيب والترحيل القسري في المرحلة التي تبعت هجمات ايلول (سبتمبر) 2001.

ترحيل للسعودية
فعلى الرغم من محاولات وزارة الخارجية لاحضار عامر الى بريطانيا كي ينضم لعائلته التي تعيش في جنوب لندن، تبين ان امر الافراج عنه ينص على ترحيله الى السعودية حيث يتعرض الى الاعتقال مرة اخرى والسجن.
ففي رسالة تلقاها محامي عامر كلايف ستافورد سميث من وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ وتعود الى 18 نيسان (ابريل) العام الحالي ‘نفهم ان امر الافراج عن عامر هو فقط نقله الى السعودية’.
ونقل عن ستافورد سميث المدير القانوني للمؤسسة التي تعنى بحال السجناء في سجون خارج بريطانيا ‘ربريف’ ‘ هناك احتمال كبير من ان الخدمات الامنية البريطانية متفقة مع الامريكيين على منع شاكر من العودة الى بريطانيا، خاصة ان شاكر شاهد مهم على تورطهم في التعذيب، وكل ما نأمله هو محاسبة هيغ لهم’ وقال ان ‘اسكتلند يارد حصلت على شهادة مطولة من شاكر حول الانتهاك الذي تعرض له وتواطؤ بريطانيا في هذا التعذيب، والطريقة الوحيدة لمنع شاكر عامر من العودة هي ترحيله الى السعودية’.
وفي مقابلة خاصة مع عامر عبر الهاتف بينه وبين محاميه عبر عامر عن رغبته الشديد بالعودة للندن والانضمام الى عائلته واولاده الاربعة. ويخوض عامر البالغ من العمر 46 عاما اضرابا عن الطعام دخل يومه السبعين وقال ‘آمل ان لا اموت في هذا المكان الفظيع، اريد ان احضن ابنائي واراقبهم وهم يكبرون، لكن ان كانت ارادة الله ان اموت هنا فاريد ان اموت بكرامة’.
ودعت حملة لجمع التوقيعات الحكومة البريطانية الى احضاره لبريطانيا حيث وقع عليها اكثر من 115 الف شخص مما دعا الى مناقشة حالته في البرلمان.
ونقل عن صهره سعيد صديقي قوله ان عامر لم يرتكب ذنبا وصدر امر بالافراج عنه مرتين من الحكومة الامريكية ‘فلماذا لا يزال جحيم غوانتانامو؟ لماذا لا تقوم الحكومة البريطانية بجلبه الى هنا؟’.
ونقل عن متحدث باسم اسكتلند يارد قوله ان لجنة مشتركة من النيابة العامة والشرطة تقوم بدراسة اتهامات حول تورط مسؤولين بريطانيين بالتعذيب وانها قامت بتقييم 12 حالة، حولت ثلاثة منها الى الشرطة حيث قررت اجراء تحقيقات اضافية حولها.
من افغانستان الى غوانتانامو

وكان عامر وعائلته قد انتقلوا الى افغانستان قبل خمسة اشهر من بداية الهجوم الامريكي عليها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2001، حيث ذهب عامر للمساعدة ولتدريس الانكليزية. وبعد الموجة الاولى من القصف التي دمرت المدرسة فر هو وعائلته باتجاه الشرق نحو الباكستان، ويتذكر عامر كيف دق الجنود الامريكيون على المكان الذي كان يقيم فيه بمدينة جلال اباد وصرخاتهم له بالخروج، حيث جردوه من كل ما يملك وقادوه امامهم.
وكان هروب عامر طبيعيا لان جنود التحالف الشمالي الذين دخلوا كابول تعاملوا مع كل عربي على انه عدو. ويقول عامر انه عندما سمح لزوجته الحامل واولاده الذهاب بمواصلة الرحلة للباكستان، نقل الى منطقة ريفية متوقعا الموت، لكن ظهور مروحية امريكية جعله يشعر بالراحة وانه ناج لا محالة. ومرت 11 سنة على اعتقاله، حيث ولد ابنه الاصغر فارس في اليوم الذي نقل جوا من افغانستان الى غوانتانامو، في 14 شباط (فبراير) 2002. ونقلت عن جهينة (15 عاما) ابنة عامر قولها ‘تخيل انك عوملت مثل حيوان السيرك تعيش في قفص وفصلوك عن اهلك واحبائك، الا تشعر بالالم، حسنا فان والدي يعيش هذه الحياة الان’.
وكان الامريكيون قد نقلوا عامر بعد اعتقاله في جلال اباد الى قاعدة باغرام قرب العاصمة كابول حيث يقول انه حرم من النوم من النوم لمدة تسعة ايام وجوع ووضع في وضع صعب جعل من اية حركة عذابا، ونظرا لهذا فقد اصيب بالهذيان والهزال. ويقول عامر انه قال ما طلبه منه الامريكيون قوله.
وتقول الصحيفة ان الاعتراف يشكل جزءا من اعادة التقييم الذي قامت به لجنة مشتركة داخل المعتقل. وتشير الوثائق السرية ان عامر عندما كان في بريطانيا ‘اعتبر عضوا في شبكة القاعدة في بريطانيا، بعلاقات مع قادة القاعدة البارزين’ ومنهم اسامة بن لادن التي تقول الوثيقة ان عامر التقاه عندما كان في مغاور تورا بورا، كما زعمت ان عائلته كانت تتلقى معونات مالية من القاعدة وانه كان يتردد على مسجد فينزبري بارك الشهير الذي وصف بانه مقر الناشط المتشدد ابو قتادة.
وقد نفى عامر كل هذه الاتهامات التي لم يجد احد ادلة على صحتها تفسر السبب الذي قاد عامر الى الاضراب عن الطعام. ويقول سميث محامي عامر ان الاخير المعروف بقوته وصموده ومرحه لاول مرة بات يفكر بانه سيموت في غوانتانامو ولن يفرج عنه.

من المدينة الى لندن
وطلب من محاميه ان يحضر زوجته ويخبرها من ان هناك امكانية بعدم عودته حيا من المعتقل. وقصة حياة عامر بدأت في المدينة المنورة عام 1966 حيث طلق والده والدته عندما كان طفلا، ولانه لم يحتمل العيش مع زوجة والده فقد قرر في سن السابعة عشرة السفر الى امريكا حيث عاش هناك مع صديق لعائلته ثم قضى سنوات يتجول في اوروبا والعالم العربي قبل ان يلتقي زوجته زين صديقي ويتزوجها عام 1997. ورزق بجهينة بعد عام ثم ميكائيل عام 1999 وسيف عام 2000 . وتظهر صوره عائلة سعيدة حيث تصف زوجته تلك السنوات بانها ‘مثل الحلم’، حيث كان عامر يساعد في الامور المنزلية. وعمل عامر في لندن كمترجم للاجئين العرب، حتى اتخذ عام 2001 القرار المشؤوم وهو الرحيل الى افغانستان كي يعمل مع جمعية خيرية اسلامية، وتقول زوجته انه اراد مساعدة الفقراء في افغانستان لكنه ‘اصبح نفسه ضحية الظلم’.
ولعل في قصة عامر وظلمه سرا لا احد قادر على كشفه، ففي حزيران (يونيو) 2007 قررت ادارة سجن غوانتانامو الافراج عنه بعد ان اعترف تقييم بعدم وجود ادلة تدينه، وبعد عامين اكدت ادارة اوباما نفس الامر وقالت انه يمكن الافراج عنه. والسؤال لماذا لا يزال عامر وهو الاخير من بين 16 بريطانيا اعتقلوا في غوانتانامو قيد الاعتقال؟

بعيد عن العين
فمن الناحية العلنية اكدت الحكومة البريطانية ان حالته قيد الدراسة وانها ملتزمة بترحيله الى بريطانيا حيث طرحت قضيته في اكثر من مناسبة منها دعوة من ويليام هيغ، لكن وزير العدل في حكومة ظل العمال صادق خان عبر عن خوفه من انه ‘قد يكون اصبح منسيا’، وقال ان جهودا قوية لم تتخذ من اجل الافراج عنه مشيرا ‘انا قلق من ان اصبح بعيدا عن العين بعيدا عن التفكير’.
ويرى محامو عامر ان هناك الكثير من الدوافع المظلمة وراء ابقائه في السجن ويعبرون عن خشيتهم من انه سيرحل للسعودية حيث سيعتقل لمدة غير معلومة وسيكون بعيدا عن الاعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسانز ويقول محاميه ستافورد سميث ان ‘ السبب الوحيد وراء نية الولايات المتحدة لارساله الى السعودية هو انها تريد اسكاته’، مشيرا الى ان عامر لو اعيد الى بريطانيا لكان قادرا على وصف تفاصيل تعذيبه والدور البريطاني فيه خاصة ان عامر معروف بقدراته الخطابية وفصاحته مما يعني فتح النقاش المحتدم من جديد حول الدور المظلم لبريطانيا في ‘الحرب على الارهاب’. ويقول ستافورد سميث ان لديه وثائق سرية من الاستخبارات البريطانية لا يمكنه اطلاع عامر عليها ان المخابرات وتتهم الاخيرة بتضليل الامريكيين للتأكد من عدم عودة عامر الى بريطانيا مرة اخرى، وقال ‘قالوا عن كلاما سيئا ، في الحقيقة ليس صحيحا’، مضيفا انهم ‘ لم يكتفوا فقط بالمشاركة في انتهاكه بل قاموا بتزييف الادلة ضده’. وهناك سبب اخر شخصي يتعلق بمواقف عامر في السجن حيث اعتبر شوكة في محاولات ادارة السجن ضبط سلوك السجناء، فهو يعد من قادتهم الذي دافع عن مطالبهم.

قائد المعتقل
وعليه فشخصيته القوية وحضوره تجعله شاهدا مهما عن الدور البريطاني في تعذيب المعتقلين.فقد كان عامر قائد اول عملية اضراب عن الطعام عام 2005 في سجن غوانتانامو، وذلك عندما قام احد افراد الشرطة العسكرية بضرب احد المعتقلين وهو يصلي، واضطرت ادارة السجن التفاوض مع عامر لانهاء الاضراب الذي شارك فيه المئات. ونتيجة لذلك وضع في الحجز الانفرادي لمدة 360 يوما على الرغم من ان القوانين تحدد المدة بشهر واحد.
ويقول ستافورد سميث ان زيارته الاخيرة للسجن ومقابلته لعامر اقلقته حيث بدا ضعيفا، فهو القوي الذي ظل دائما مدافعا عن زملائه بات يشعر بان ادارة السجن تريد قتله من خلال اهماله.
ويقول المحامي ان الاضراب الحالي يختلف عن بقية الاضرابات وانه مدفوع بحالة من اليأس وعدم اليقين والفراق الطويل للاحبة، وكلما طال امد الاضراب عن الطعام كلما زادت احتمالات الموت، فبعد اربعين يوما يصبح خطر الموت محتوما فما بالك بسبعين.