العالم مقبل على حروب المياه

أكدت تقارير نشرت لمناسبة اليوم العالمي للمياه أن العديد من الحوادث الحدودية
المرتبطة بالمياه قد تتحول إلى حروب مفتوحة بسبب النقص المتزايد في هذه الثروة
الطبيعية الحيوية.
وما يغذي هذه النزاعات الأنهر الحدودية أو تلك العابرة للحدود وكذلك الآبار الجوفية
المشتركة التي ترفض الدول تقاسمها. واحدث مثال على ذلك تاريخا هو الخلاف الإسرائيلي
اللبناني حول نهر الحاصباني الذي ينبع في لبنان ويصب في نهر الأردن وتتهم الدولة
العبرية بيروت بتحويل مجراه.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن إسرائيل تتهم لبنان بضخ مياه نهر الوزاني، احد
روافد نهر الحاصباني الذي ينبع من لبنان ويصب في نهر الأردن الذي يصب في بحيرة
طبرية الخزان الأساسي للمياه العذبة في إسرائيل.
وقد احتلت إسرائيل طوال 22 عاما شريطا حدوديا في جنوب لبنان كان يضم نهري الحاصباني
والوزاني.
ولفت تقرير وزاري فرنسي إلى أن 15 % من بلدان الكوكب تتلقى أكثر من 50 % من مياهها
من دول أخرى، واثنان من أصل ثلاثة من الأنهار الكبرى أو الآبار الجوفية، أي أكثر من
300 في العالم يتم تقاسمهما بين دول عدة.
ورأت مؤسسة الاستشارات الدولية "برايس-ووترهاوس-كوبرز" أن النزاعات ستزداد حدة بسبب
نقص المياه الذي يتوقع أن يطال "قرابة الثلثين من سكان العالم في العام 2050".
أما المناطق الأكثر عرضة للتهديد فهي الشرق الأوسط. وكتبت المؤسسة المذكورة آنفا في
هذا الصدد أن "ثلثي المياه المستهلكة في إسرائيل تأتي من الأراضي المحتلة وقرابة
النصف من المنشآت المائية الإسرائيلية تقع في مناطق لم تكن ضمن" حدود الدولة
العبرية قبل العام 1967.
إلى ذلك عددت المؤسسة 11 منطقة أخرى تشكل موضع خلاف قابل لان يتحول إلى نزاع وهي:
تركيا-سوريا-العراق بسبب السدود التركية التي بنيت فعلا أو تدخل ضمن مشاريع
مستقبلية لمياه نهري دجلة والفرات.
إيران-العراق اللذان يتنافسان على شط العرب، ملتقى دجلة والفرات.
مصر-السودان-اثيوبيا حول مياه النيل.
مصر-السودان-ليبيا-تشاد-النيجر التي يدور بينها خلاف على حقل مائي جوفي بعمق 800
متر. وتريد ليبيا استثماره لشق نهر اصطناعي لتمد بذلك سواحلها بالمياه العذبة.
زامبيا-بوتسوانا-زيمبابوي-موزمبيق حول تقاسم مياه نهر السنغال.
الهند-باكستان حول استثمار نهر الاندوس.
الهند-بنغلادش حول دلتا نهري الغانج وبراهمابوتري.
أوزبكستان-كازاخستان-قرغيزستان-طاجيكستان حول نهر امو داريا وسير داريا وبحر ارال.
المجر-سلوفاكيا حول محطة غابسيكوفو لتوليد الكهرباء الواقعة على نهر الدانوب.
صربيا وكرواتيا بسبب "النقص المحلي" للمياه و"تحويلات التلوث" إلى نهري الدانوب
والساف.
العالم مهدد بالعطش

ومن بين ابرز أهداف اليوم العالمي للمياه في هذا العام الأول من القرن الحادي
العشرين لفت انتباه العالم وحكوماته إلى أن الأرض بكاملها ستكون مهددة بالعطش منتصف
هذا القرن في حدود العام 2050.
واليوم الذي تحتفل به 24 من وكالات الأمم المتحدة في القارات الخمس يطلق العنان
للكثير من المبادرات العامة والخاصة تراوح بين الندوات والتقارير والمعارض
والمؤتمرات.. وحتى سباقات الضاحية كما في البندقية.
وقد اختارت الأمم المتحدة ليوم المياه العالمي لهذا العام شعار "الماء والصحة"
وأوكلت الأمر إلى منظمة الصحة العالمية.
ولفتت منظمة الصحة العالمية في تقرير أعدته لهذه المناسبة إلى الإمراض الاستوائية
التي ينقلها البعوض والذباب في المناطق الرطبة وهي الإمراض التي ترتبط مباشرة أو
بشكل غير مباشر باستهلاك المياه الملوثة.
ويؤكد التقرير أن الوضع يمكن أن يتحسن بشكل جذري وبوسائل بسيطة حتى في أكثر البلدان
فقرا كتعقيم المياه (بالكلور أو بتعريضها في زجاجات لأشعة الشمس لساعات) والنظافة
الشخصية من دون انتظار بناء شبكات متطورة في التوزيع والري والمعالجة والتنقية بحيث
تكون هذه المياه غير ملوثة وصالحة للشرب.
ولا يستخدم سكان العالم الستة مليارات حاليا سوى واحد على مئة ألف من مياه الكوكب
التي تمثل المياه المالحة أو التي يتعذر الوصول إلى 98 في المائة منها.
كما أن هذه المياه موزعة بطريقة غير متساوية على الإطلاق إذ تتقاسم 23 دولة ثلثي
الموارد المائية فيما يتوزع الثلث الباقي وبشكل غير متوازن ما تبقى من البلدان.
أما الدول المحظوظة فهي البرازيل وكندا والصين وكولومبيا والولايات المتحدة والهند
واندونيسيا وروسيا إضافة إلى الأعضاء الخمسة عشر في الاتحاد الأوروبي.
ويحذر التقرير من أن سوء استخدام الأنهار والمياه الجوفية والتلوث والتبذير وتزايد
السكان والنمو الفوضوي للمدن، كل ذلك من شانه أن يجعل الشح الحالي (اقل من 1000 متر
مكعب سنويا للفرد) الذي يطال 250 مليون نسمة في 26 بلدا، يتحول إلى "ظمأ هائل" يطال
ثلثي سكان الأرض بحلول العام 2050.
وتشير مذكرة حكومية فرنسية إلى أن "مليار إنسان في العالم يفتقرون إلى المياه
الصالحة للشرب فيما لا يتمتع 4،2 مليار إنسان بالبنى التي يمكن الركون أليها في
تنقية المياه".
إلى ذلك فان المياه كما تضيف المذكرة هي "السبب الأول للوفيات والإمراض" في العالم
"بشكل مباشر أو غير مباشر" وان ثلاثة ملايين طفل يموتون سنويا بسبب النقص في مياه
الشرب".
والى المشاكل الاجتماعية والصحية للمياه لا بد من إضافة المشاكل الغذائية إذ تشكل
الزراعات المروية نسبة 40 في المائة من غذاء العالم، وأيضا المشاكل المناخية حيث
تشكل الفيضانات والسيول على سبيل المثال ثلث الكوارث الطبيعية.
وهناك أيضا المشاكل الجيوسياسية، إذ أن ثلثي الأنهار الكبرى والبحيرات في العالم
تشترك فيها أكثر من دولة، وكذلك في المشاكل البيئية إذ أن نصف الأنهار والمسطحات
المائية ملوثة.
وحتى يتمكن العالم من إطعام ثمانية مليارات نسمة وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والصحية
بحلول العام 2050 فان عليه أن يستثمر 180 مليار دولار سنويا مقابل 70 إلى 80 مليارا
فقط تستثمر حاليا.
وتؤكد مختلف التقارير على ضرورة نهوض القطاع الخاص بمسؤولية إضافية في عمليات
التمويل في الوقت الذي لا يساهم هذا القطاع حاليا بأكثر من نسبة الربع في هذه
العمليات.
والموارد الإضافية المطلوبة (100 مليار دولار في السنة) لا تمثل في الواقع سوى ساعة
و40 دقيقة من المبادلات في أسواق الأسهم والسندات المالية في العالم.
وتنصح التقارير من اجل فاعلية اكبر في إطار الاستثمارات المائية على المدى الطويل
ولتفادي النقص في التجهيزات بقيام "بنك دولي للمياه" يهتم ويمول ويرشد مشروعات
المياه في العالم.