إعداد: حسني ثابتعلى
الرغم من مرور 39 عامًا على حرب السادس من أكتوبر المجيدة عام 1973، إلا
أنه مازالت ردود الأفعال والأسرار والتعليقات والتحليلات تتوارد عبر وسائل
الإعلام بمختلف أنواعها، لما لها من تحول تاريخي بالنسبة لمصر ولمنطقة
الشرق الأوسط بأكملها، ولما لها من تحول تاريخي لنكسة 5 يونيو 67 إلى نصر
عظيم، فكان العبور العظيم في الساعات الأولى للجنود المصريين لخط بارليف هو
العبور المادي، بينما العبور المعنوي هو عبور مصر من الهزيمة إلى النصر.
سادت الأعوام السابقة مظاهر مختلفة للاحتقال بذكرى حرب أكتوبر 73 المجيدة، شهدت خطة الإعداد للحرب، وعرض أنواع مختلفة من البطولات لكافة الأسلحة وشرح لمراحل الحرب وطروحات عديدة حول الساعات الهامة في الحرب، بينما حان الآن الانتقال إلى مرحلة جديدة للتعامل مع هذه المناسبة هذا العام، وهي التعرف على الدروس المُستفادة من هذا الحدث، خاصة في وقت تكشف فيه إسرائيل عن معلومات جديدة عن الحرب، ونشرتها بعض الصُحف الإسرائيلية، والتي اشتملت بشكل خاص على أجزاء أو مقاطع من تحقيقات لجنة "أجرانات" التى أجريت فى أعقاب الحرب، والتي تضمنت خطط الخداع الاستراتيجي في هذه الحرب.
وعلى الرغم من مرور ما يُقارب 40 عامًا على تلك الحرب، فإن آثارها وما تبعها من سلام بين كبرى الدول العربية، وإسرائيل لا تزال تشغل الرأى العام العربي والعالمي، ولا تزال دروسها قابلة للاستلهام، رغم التغيرات التي طرأت على النظام السياسي العالمي، وعلى الخريطة الجيوسياسية للعالم العربي. وبهذه المناسبة انطلق بُركان من الأسرار ساهم فيها عدد من الصحف الإسرائيلية في الكشف عن تلك الأسرار، ومنها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وصحيفة "إسرائيل اليوم"، وصحيفة "هاآرتس".
بهذه العبارة "مازال جرح الهزيمة في حرب أكتوبر 1973 مؤلمًا لإسرائيل رغم مرور 39 عامًا على اندلاعها".. فلم تجد صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بديلاً عنها لتعبر بها عن مرارة الإسرائيليين المستمرة طوال كل تلك السنوات من هزيمتهم أمام مصر بجيشها ومخابراتها، في سياق استعراضها لمضمون مجموعة جديدة من الوثائق التي تكشف المزيد من الأسرار الخاصة بالحرب وكواليسها.
ومع توالي الحكومات في المنطقة خاصة بالنسبة للجانب الإسرائيلي بدأت تفتح الملفات السرية لحرب أكتوبر المجيدة بعد أن تم الافراج عنها، فقد كشفت وثائق إسرائيلية عن حرب أكتوبر 73 رفع عنها غطاء السرية مؤخراً، وأفرجت وزارة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة عن دفعة من الوثائق، التي تغطي نشاطات السياسة الخارجية في الفترة الواقعة ما بين 1969 و1974 ومن ضمنها وثائق تتعلق بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي خاضتها القوات العربية المصرية والسورية، ضد القوات الإسرائيلية المحتلة في سيناء والجولان، وتبين الوثائق كيف استطاع ذلك الهجوم العربي، أن يفاجئ العدو “الإسرائيلي”، واستخباراته اليقظة . .
ونقلت الوثائق، حسبما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شهادات لعدد من القيادات الأمنية والعسكرية أمام مفوضية أجرانات عقب الحرب، أن سوء الاتصالات والنشاطات الاستخبارية تسببا في ظل عدم وجود أوامر مطلقاً، والتي حتى وإن وجدت كانت غير مفهومة أو واضحة، بفشل كبير للغاية.
وفي إحدى الكتب التي صدرت في إسرائيل حول حرب أكتوبر، تؤكد مفاجأة مصر للولايات المتحدة وإسرائيل بشن حرب أكتوبر، ويتحدث عن إضاعة الإسرائيليين لفرص كثيرة فيما يتعلق بالصراع مع مصر، واتهامهم بتجاهل سُبل السلام بين مصر وإسرائيل، وأنه كان من المُمكن توقيع اتفاقية فيما بينهما برعاية الولايات المتحدة في بداية السبعينيات، وكان من المُمكن إجهاض حرب أكتوبر التي شنت بعده بسنوات وإنقاذ حياة 2650 إسرائيليًا قتلوا خلال الحرب.
سادت الأعوام السابقة مظاهر مختلفة للاحتقال بذكرى حرب أكتوبر 73 المجيدة، شهدت خطة الإعداد للحرب، وعرض أنواع مختلفة من البطولات لكافة الأسلحة وشرح لمراحل الحرب وطروحات عديدة حول الساعات الهامة في الحرب، بينما حان الآن الانتقال إلى مرحلة جديدة للتعامل مع هذه المناسبة هذا العام، وهي التعرف على الدروس المُستفادة من هذا الحدث، خاصة في وقت تكشف فيه إسرائيل عن معلومات جديدة عن الحرب، ونشرتها بعض الصُحف الإسرائيلية، والتي اشتملت بشكل خاص على أجزاء أو مقاطع من تحقيقات لجنة "أجرانات" التى أجريت فى أعقاب الحرب، والتي تضمنت خطط الخداع الاستراتيجي في هذه الحرب.
وعلى الرغم من مرور ما يُقارب 40 عامًا على تلك الحرب، فإن آثارها وما تبعها من سلام بين كبرى الدول العربية، وإسرائيل لا تزال تشغل الرأى العام العربي والعالمي، ولا تزال دروسها قابلة للاستلهام، رغم التغيرات التي طرأت على النظام السياسي العالمي، وعلى الخريطة الجيوسياسية للعالم العربي. وبهذه المناسبة انطلق بُركان من الأسرار ساهم فيها عدد من الصحف الإسرائيلية في الكشف عن تلك الأسرار، ومنها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وصحيفة "إسرائيل اليوم"، وصحيفة "هاآرتس".
بهذه العبارة "مازال جرح الهزيمة في حرب أكتوبر 1973 مؤلمًا لإسرائيل رغم مرور 39 عامًا على اندلاعها".. فلم تجد صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بديلاً عنها لتعبر بها عن مرارة الإسرائيليين المستمرة طوال كل تلك السنوات من هزيمتهم أمام مصر بجيشها ومخابراتها، في سياق استعراضها لمضمون مجموعة جديدة من الوثائق التي تكشف المزيد من الأسرار الخاصة بالحرب وكواليسها.
ومع توالي الحكومات في المنطقة خاصة بالنسبة للجانب الإسرائيلي بدأت تفتح الملفات السرية لحرب أكتوبر المجيدة بعد أن تم الافراج عنها، فقد كشفت وثائق إسرائيلية عن حرب أكتوبر 73 رفع عنها غطاء السرية مؤخراً، وأفرجت وزارة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة عن دفعة من الوثائق، التي تغطي نشاطات السياسة الخارجية في الفترة الواقعة ما بين 1969 و1974 ومن ضمنها وثائق تتعلق بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي خاضتها القوات العربية المصرية والسورية، ضد القوات الإسرائيلية المحتلة في سيناء والجولان، وتبين الوثائق كيف استطاع ذلك الهجوم العربي، أن يفاجئ العدو “الإسرائيلي”، واستخباراته اليقظة . .
ونقلت الوثائق، حسبما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شهادات لعدد من القيادات الأمنية والعسكرية أمام مفوضية أجرانات عقب الحرب، أن سوء الاتصالات والنشاطات الاستخبارية تسببا في ظل عدم وجود أوامر مطلقاً، والتي حتى وإن وجدت كانت غير مفهومة أو واضحة، بفشل كبير للغاية.
وفي إحدى الكتب التي صدرت في إسرائيل حول حرب أكتوبر، تؤكد مفاجأة مصر للولايات المتحدة وإسرائيل بشن حرب أكتوبر، ويتحدث عن إضاعة الإسرائيليين لفرص كثيرة فيما يتعلق بالصراع مع مصر، واتهامهم بتجاهل سُبل السلام بين مصر وإسرائيل، وأنه كان من المُمكن توقيع اتفاقية فيما بينهما برعاية الولايات المتحدة في بداية السبعينيات، وكان من المُمكن إجهاض حرب أكتوبر التي شنت بعده بسنوات وإنقاذ حياة 2650 إسرائيليًا قتلوا خلال الحرب.
1973.. الطريق إلى الحرب ...
كشف كتاب إسرائيلي صدر حديثًا، عن وثائق جديدة تثبت تورط وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر- الذي كان يشغل وقتها منصب مستشار الأمن القومي- فى إجهاض مبادرة "روجرز" للسلام مع مصر، بالتعاون مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك "جولدا مائير"، ويتضمن الكتاب مجموعة من الوثائق التي تكشف أسرار المداولات السرية في واشنطن والقاهرة وتل أبيب، حول مبادرة "روجرز" وفكرة السلام بين مصر وإسرائيل.يحمل الكتاب عنوان "1973.. الطريق إلى الحرب"، والذي يقع في 365 صفحة، الكثير من الأسرار حول الطريقة التي تعامل بها قادة إسرائيل مع مبادرة "روجرز"، بالإضافة إلى الفشل والتقصير الإسرائيلى على المستوى السياسي، والذى أدى برأيه إلى اندلاع حرب أكتوبر 1973، ووصف هذا التقصير السياسي بأنه أخطر بكثير من العمى الذى أصاب رجال الاستخبارات الإسرائيلية، الذين ما زالت مسئولية الهزيمة تلاحقهم حتى اليوم، على حد تعبيره.
ويُحمّل الكتاب الذي أوردت صحيفة "هاآرتس" فقرات منه، جولدا مائير رئيس الحكومة الإسرائيلية أثناء حرب أكتوبر جزءً من التقصير الذي أدى لهزيمة إسرائيل عام 1973، وتحميل المسئولية أيضًا لرئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية وقتها اللواء "إيلي زاعيرا"، وهو التقصير الذي كشفته وثائق وزارة الدفاع الإسرائيلية التي أفرج عنها مؤخرًا، وذلك لرفض كلاً من مائير وكيسنجر خطة سلام تقدم بها وزير الخارجية الأمريكي وقتها ويليام روجرز، بموجبها تقوم إسرائيل بالانسحاب من المناطق المحتلة في 1967 وفقا لقرار مجلس الأمن "242"، في مقابل الاعتراف بسيادة كل دول المنطقة الكاملة على أراضيها واستقلالها السياسي، ورفضت حكومة إسرائيل الاقتراح في الوقت الذي أعلنت مصر أنها موافقة على مناقشة المبادرة.
بالإضافة إلى وصف التقصير والفشل السياسي الذي ارتكبته جولدا مائير كان محل تحليل لسنوات طويلة، ومؤكدًا على أن الفشل الاستخباراتي لرئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "آمــان"، العميد إيلى زعيرا، كان صارخًا وواضحًا في وثائق التحقيقات التي أجرتها لجنة "أجرانات"، بينما يُعد الدور الذي لعبه مستشار الأمن القومي الأمريكي، والذى أصبح بعد ذلك وزيرًا للخارجية الأمريكي، ويعد أول يهودي يتولى هذا المنصب، بالمصيبة الكبيرة.
وفي نفس السياق أشارت الصحيفة إلى أن إجهاض مبادرة "روجرز" لم يكن الخطأ الوحيد لكيسنجر، بل إنه استبعد قيام المصريين بهجوم على إسرائيل، وأنه إذا حدث هذا يُمكن لإسرائيل أن تعرقل هجوم مصر لأكثر من ساعتين، وهو الأمر الذي دفعت إسرائيل ثمنه غاليًا بعد ذلك، حيث امتنعت عن شن ضربة مفاجئة في 73 وتعبئة قوات الاحتياط في الأيام التي سبقت حرب أكتوبر.
كانت جولدا مائير مُقتنعة بأن العرض المصري للسلام مجرد مناورة خادعة من جانب السادات، في سياق استعداده للحرب، كما أنها كانت ترغب في إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى موعد إجراء الانتخابات العامة في إسرائيل، ولذلك ضغطت على الإدارة الأمريكية لمنع إحراز أي تقدم في قناة المفاوضات الجديدة مع مصر، وساعدها في ذلك هنري كيسنجر، كما عملت على ألا يعرف الكثيرون في إسرائيل شيئا عن أسرار المبادرة.
ويقول المؤلف إنه من الواضح أن السادات كان يُفضل الحل السياسي في عام 1973 من أجل استعادة السيادة المصرية على سيناء، لكنه عندما اكتشف أنه وصل إلى طريق مسدود، بفضل التعنت الإسرائيلي وامتناع واشنطن وإدارة نيكسون وكيسنجر عن الضغط على إسرائيل، قرر الرئيس المصرى الراحل اختيار الحرب لاستعادة الأراضي المصرية.
ويكشف الدكتور "يجآل كيفانيس" في كتابه، عن الخسائر التي مُنيت بها إسرائيل عبارة عن 2693 قتيلاً، و7251 جريحًا، و314 أسيرًا، بالإضافة إلى عشرات المفقودين، بل وحدوث انكسار خطير في المجتمع الإسرائيلي، بسبب إيمان بعض ساسة الدولة العبرية بأن الوقت يعمل في صالحها، وهو ما أثبتت الحرب أنه اعتقاد خاطئ.
وقبل اندلاع الحرب بأربعة أيام، نشرت صحيفة التايمز البريطانية مقالاً جاء فيه "إن إسرائيل ستتصرف بحماقة إذا حاولت منع التوصل إلى اتفاق سلام بدعوى وجود شكاوى أو مطالب إقليمية لها"، وأشار المقال إلى خبر نشرته الصحيفة قبل ذلك بعدة أيام، مفاده أن الخطوط العريضة التي وضعها كيسنجر تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بسيطرتها على القدس الشرقية، والانسحاب فقط من جزء من هضبة الجولان، والاحتفاظ بالبقاء لفترة طويلة على أغلب أراضي سيناء.
وتبين الوثائق التي جمعها المؤلف من إسرائيل والولايات المتحدة كيف أنه تقريبًا بعد كل لقاء مع حافظ إسماعيل، مبعوث الرئيس السادات، كان كيسنجر يُسارع إلى نقل التفاصيل إلى الإسرائيليين، رغم تعهده للسادات بأن تظل هذه المُباحثات سرًا في طي الكتمان.
ويقول "عكيفا إلدار" إن كيسنجر والدبلوماسيين الإسرائيليين بذلوا قصارى جُهدهم من أجل إضاعة الوقت حتى إجراء الانتخابات في إسرائيل، والتي كان من المقرر أن تجرى في أكتوبر 1973، ولكن ما حدث أن إسرائيل بدلاً من ذهابها إلى صناديق الاقتراع، ذهبت إلى صناديق التوابيت والجنازات لدفن قتلاها الذين سقطوا في حرب أكتوبر. ويشير الكتاب إلى استطلاع للرأى العام أجراه معهد البحوث الاجتماعية التابع للجامعة العبرية في إسرائيل، في مطلع عام 1973، قال خلاله 96% من الإسرائيليين أنهم غير مستعدين للتنازل عن مدينة شرم الشيخ المصرية، والتي كانت تحتلها إسرائيل، مقابل سلام كامل مع مصر.
ولكن بعد أربع سنوات تقريبًا، وبعد سقوط آلاف القتلى والمصابين من الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر، انضمت الغالبية العُظمى من الـ 96% إلى موقف الـ 4%. ولفت أيضًا إلى أن موشيه ديان، صاحب القول الشهير "إن شرم الشيخ بدون سلام بين مصر وإسرائيل أفضل من سلام بدون شرم الشيخ"، أصبح وزيرًا للخارجية الإسرائيلية في حكومة مناحم بيجين، وكان شريكًا في الاتصالات التي أدت إلى توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، التي انسحبت بمقتضاها من كل سيناء، وليس شرم الشيخ فقط.
استغلال وثيقة عبرية لتضليل إسرائيل:وفي دفعة أخرى من الوثائق التي تكشف المزيد من أسرار حرب أكتوبر، عندما قررت الرقابة العسكرية الإسرائيلية الكشف عن مزيد من الوثائق السرية لحرب أكتوبر 1973، ومن إحداها يتضح أن المخابرات المصرية كانت قد وصلت إلى مصادر مهمة في إسرائيل وأنها حصلت على وثيقة سرية بالعبرية، ساعدتها على تضليل إسرائيل وإبقائها في سكرة الاطمئنان بأن مصر لا تفكر في محاربتها.
وتتعلق الوثيقة الإسرائيلية العسكرية السرية بتقديرات للمخابرات العسكرية الإسرائيلية حول استعدادات مصر للحرب، حيث إن إسرائيل كانت قد تلقت معلومات استخبارية من مصر ودول عربية أخرى تفيد بأن مصر وسوريا تنويان شن الحرب على إسرائيل في القريب. فراحت المخابرات الإسرائيلية تفحص هذه المعلومات فوجدت أن المصريين يجلبون نساء وأطفالاً للعمل في مناطق قرب مواقع الجيش ويجرون تحركات علنية، فخرجوا بالاستنتاج، حسب تلك الوثيقة، بأن الجيش المصري لا يبدي مظاهر جيش يريد القتال.
وقد وقعت هذه الوثيقة بأيدي مصر، فراحت تعزز هذه القناعة لدى الإسرائيليين، فجلبت المزيد من الأولاد والنساء، ونصبت خيامًا على طول قناة السويس، وكانت هذه الخيام غطاء للاستعدادات المصرية لكسر خط بارليف الحصين والتقدم لتحرير سيناء.
يُذكر أن أسرارًا كثيرة من حرب أكتوبر ما زالت سرية، ومع أن القانون الإسرائيلي يجيز فتح الملفات السرية بعد مرور 30 سنة على إعدادها، فإن اللجنة الوزارية لشئون الرقابة، وكذلك الرقابة العسكرية، تمنعان نشر كثير من الوثائق بدعوى الحفاظ على الأمن. وقد تم مؤخرًا تحرير مئات الوثائق السرية، أهمها اعترافات عدد من المسئولين السياسيين والعسكريين أمام لجنة كاهن، التي أقيمت في حينه للتحقيق في إخفاقات الجيش الإسرائيلي في الأيام التي سبقت الحرب وكذلك في الأيام الأولى من تلك الحرب، ومع أن العديد من المعلومات أصبحت مكشوفة، فإنها تصبح أكثر أهمية بعد أن قيلت رسميًا باسم وزير الخارجية "أبا ايبان".
المعلومة الذهبية .. وخطة الخداع الاستراتيجى:كشفت وثائق من أرشيف الجيش الإسرائيلي عن "حرب أكتوبر 1973" عُمق الإخفاقات الإسرائيلية، حيث أن "الموساد تلقى معلومات حول نية مصر بشن الحرب قبل أسبوع من نشوبها وأن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لم تعلم بإنذار وصل إلى إسرائيل يُحذر من نية سورية لشن حرب".
وشملت الوثائق من محاضر جلسات "لجنة أجرانات" التي حققت في ظروف نشوب الحرب اعترافات وزير الخارجية "آبا إيبان" آنذاك وضباط في هيئة الأركان العامة، هم قائد المنطقة الجنوبية "شموئيل جونين" المُلقب بـ"جوروديتش"، وقائد الجبهة الشمالية "إسحاق حوفي"، و "يسرائيل ليئور" سكرتير رئيسة الوزراء جولدا مائير، و"ألفريد عيني" مساعد رئيس الموساد "تسفي زامير".
وأوضحت الوثائق أهم الاعترافات والتي تتعلق بتأخر وصول ما يُعرف في إسرائيل بـ"المعلومة الذهبية" حول نية مصر شن حرب ضد إسرائيل، والتي نقلها أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان مُقربا من الرئيس أنور السادات، والذي كان لقبه في الموساد "بابل".
وأضافت الوثائق أن "مروان أكد عدة مرات على المعلومات التي نقلها إلى الموساد بعد استيضاحات طلبها منه الموساد وتتعلق بموعد نشوب الحرب، إلا أن الوثائق أكدت رغم ذلك على وجود إخفاقات في أنظمة عمل الموساد، الذي اعتقد حينها أن مروان هو مصدر موثوق". وتبين من محاضر "لجنة أجرانات" أن المعلومات الدقيقة التي سلمها مروان إلى الموساد، حول الحرب التي نشبت في "6 أكتوبر/تشرين الأول"، لم يتم نقلها على الفور إلى مكتب رئيسة الوزراء الإسرائيلية.
ويُعتقد أن الدكتور أشرف مروان هو بطل هذه المهمة، والذي كلف بالعمل بها كعميل مزدوج، بعد أن حددت له المعلومات التى ينقلها وتوقيت نقلها، وكيفيته، وأطلق على هذه المهمة بـ "خطة الخداع الاستراتيجى" والتي اشتملت على ما يُقنع العدو بصحة معلوماته، أو يُساعد على إقناعه بصحة معلوماته.
وأشارت المحاضر الى أن "مروان نقل إلى الموساد معلومات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول قال فيها إن الحرب ستنشب بعد أسبوع، وأن مصر ستشن الحرب تحت غطاء مناورة عسكرية". لكن تبين من محاضر "لجنة أجرانات" أن يسرائيل ليئور، السكرتير العسكري لجولدا مائير، لم يعلم بالمعلومات التي سلمها مروان، وأنه عمليًا سمع بها لأول مرة لدى تقديمه اعترافه أمام اللجنة، ذلك لأن الموساد قرر عدم تحويل المعلومات الهامة إلى مكتب رئيسة الوزراء مباشرة لأن شعبة الاستخبارات العسكرية هي المسئولة عن إيصال المعلومات إليها.
وشدد ليئور أمام اللجنة على أن جولدا مائير لم تعلم بوصول معلومات من مروان قبل أسبوع من نشوب الحرب، لأن تقرير شعبة الاستخبارات العسكرية الذي وصلها لم يُركز على هذه المعلومة.
وكشفت الوثائق الجديدة أيضا عن "سوء فهم رئيس الموساد تسفي زامير لبرقية بعثها مروان إلى مقر الموساد في منتصف ليلة 5 أكتوبر/تشرين الأول، وطلب فيها الالتقاء بشكل سريع جدًا مع زامير في لندن، لكن رئيس الموساد قرر تأجيل الأمر حتى صباح اليوم التالي، رغم أن الحديث كان يدور عن شن حرب ضد إسرائيل في اليوم التالي.
والمعلومة الأهم، التي حصل زامير عليها من مروان خلال لقائهما في لندن، لم يتم تحويلها إلى رئيسة الوزراء مباشرة، عندما أخبره بأن الحرب ستقع في الساعة السادسة من مساء 6 أكتوبر/تشرين الأول، وبفضل هذه الإخبارية بدأت إسرائيل الاستعداد للحرب ابتداء من الساعة السادسة والنصف من صباح ذلك اليوم، ولكن الحرب نشبت قبل الموعد بأربع ساعات (الثانية ظهرًا).
قالوا عن حرب أكتوبر 73 ..
وتحت عنوان "جراح حرب أكتوبر لن تندمل" أكدت الصحيفة الإسرائيلية "إسرائيل اليوم" أن حرب السادس من أكتوبر 1973 والمعروفة يهوديًا بحرب "يوم الغفران" لن تندمل أبداً رغم مرور كل هذه السنوات الطويلة .. حيث قال العميد الإسرائيلي – احتياط - أفيجدور كهلاني في مقاله بالصحيفة: كل واحد منا لديه يوم الغفران خاصته، وكل من حارب هنا في حرب يوم الغفران 1973 يحمل ندبة وجرحا خاصا به، لأن كل المقاتلين الذين وجدوا أنفسهم داخل أتون الحرب أصيبوا بندبة وجراح لن تندمل أبداً.وأضاف كهلاني، قائلاً: قبل الحرب كنت أقود كتيبة الدبابات "عوز 77" في سيناء، وفي عشية رأس السنة تم استدعاؤنا على عجلة إلى هضبة الجولان وحصلنا هناك على دبابات جاهزة للحرب، ولأننا الكتيبة الوحيدة التي تم استدعاؤها تلقينا تعليمات بالاستعداد للهجوم في أي اتجاه محتمل، وقبل يوم من اندلاع الحرب اتجه اللواء 7 كله إلى هضبة الجولان معززاً بكتيبة دبابات لكننا لم نرَ من مواقعنا العدو وشعرنا بأننا أقوياء وجاهزون للحرب، إلا أن الحرب اندلعت يوم الغفران بينما كان الجميع في البيت مما صعب تعبئة الاحتياط بسرعة، كما أن عشرات الطائرات السورية ألقت القذائف على كل صوب وحدب.
وأضاف كهلاني: وجدت نفسي مطروحاً على الأرض ورأسي مدفون في الرمال لحماية نفسي، متسائلاً: كيف تقوم طائراتنا بقصفنا، فلم يخطر ببالي قط أن السوريين سيجتازون الحدود دون أن تسقطهم دفاعاتنا، عندئذ اعتقدت أنني أعاني من صدمة ما بعد حرب 1967، ورغم أننا حاولنا الصمود إلا أن الإسرائيليين دفعوا الثمن بجراح عميقة لن تندمل أبداً.
وفى نفس السياق، أكدت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية في افتتاحيتها اليوم أن حرب يوم الغفران "السادس من أكتوبر 1973" كوت الوعي الإسرائيلي، وأنه بعد 39 سنة من الحرب تأبى الصعوبات الجمة التي رافقت هذه الحرب الضروس أن تحتضر، مشيرة إلى أن المفاجئة الناجمة عن اندلاع الحرب والثمن الباهظ الذي حصدته - أكثر من 2600 قتيل، وآلاف الجرحى، ومئات الأسرى والشعور بالفشل الذريع - كوت الوعي الإسرائيلي وتركت أثرًا بالغًا في المجتمع الإسرائيلي.
وتابعت الصحيفة أن الكثير من الشخصيات البارزة في القيادة السياسية والجيش قد رحلت عن عالمنا هذا، لكن الخلافات لم تفارق صفحات التاريخ، مشيراً إلى أن نتائج الحرب مازالت كاوية وحارقة مثلما كانت في 6 أكتوبر 1973 و2 أبريل 1974 وهو تاريخ نشر نتائج تقرير لجنة "أجرانات" التي حققت في الحرب.
وعلى جانب آخر يقول اللواء/ جميل عزيز قديس إن حرب أكتوبر 1973 المقصود بها هو رد الإعتبار للقوات المصرية ومحو الأثر الذى خلفته هزيمة يونيو 1967، وأنها لم تكن صدمة هينة ليس فقط على إسرائيل، ولكن أيضًا على الولايات المتحدة الأمريكية التي صدمت، كما صدم الإسرائيليون بروعة وشجاعة وكفاءة المقاتل المصرى التي كشفت عن مدى إعتزاز المصريين بأرضهم.
وبتتابع الأحداث نجد هناك استهداف لتحويل مصر إلى دولة تابعه إقتصادياً وعسكرياً للولايات المتحدة كى تتمكن واشنطن من التحكم في القرار الوطنى المصرى وبالذات ما يتعلق بالموقف المصرى من إسرائيل وكانت المعونات الإقتصادية والعسكرية التى تعاهدت واشنطن بتقديمها لمصر مقابل أن يكون السلام المصرى مع إسرائيل هو الثمن المباشر لهذه المعونات.
ومن جانبه اعترف المؤرخ العسكري الإسرائيلي المعروف "أوري ميلشتاين" بانتصار مصر في حرب اكتوبر بجدارة، مؤكدًا أن سلاح الجو الإسرائيلي كاد يتعرض للتدمير أثناء الحرب بسبب صواريخ "سام 6" التي استخدمها الجيش المصري، وكاد أن يدمر إسرائيل
ووصف ميلشتاين ثغرة "الدفرسوار" بأنها كان "خطوة عسكرية استعراضية" لم تغير من نتيجة الهزيمة الإسرائيلية، كما أنها لم تقلل شيئًا من الانتصار المصري، مُشيرًا إلى أن الجيش المصري حقق أهدافه من وراء الحرب، ونجح في عبور القناة، ونشر قواته داخل سيناء.
وتوقع المؤرخ الإسرائيلي، في حوار مطول لإذاعة أورشليم الجديدة، بمناسبة ذكرى أكتوبر الـ 36، أن إسرائيل لن تصمد في مواجهة مصر إذا اندلعت حرب جديدة، خاصة أن الحرب المُقبلة لن تدور في الميادين العسكرية فقط، بل قد تلجأ مصر لقصف العُمق الإسرائيلي بالصواريخ المتطورة، بما يهدد بإصابات بالغة في صفوف المدنيين، قد تؤدي إلى انهيار إسرائيل، مُشيرًا إلى أن ثقافة الشارع الإسرائيلي تقوم على الصراخ والبكاء، ولا يحتمل الإسرائيليون مواجهة مقاتلين يتحلون بالعناد والشراسة أثناء القتال.
تجاهل صواريخ "أرض - جو":رأت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أن إسرائيل انهزمت في حرب 73 بسبب تجاهلها الصواريخ "أرض – جو" المصرية السوفيتية الصنع التي كانت منتشرة غربي قناة السويس، والتي حرمت سلاح الجو الإسرائيلي من العمل أثناء الحرب.
وأضاف المحلل الإسرائيلي "موشيه آرنس" في مقاله بالصحيفة أن إسرائيل تتذكر سنوياً، في "عيد الغفران"، الهزيمة النكراء في حرب يوم الغفران، والصدمة الأولى، وعدد القتلى الكبير، والخسائر الأولية، وعبور القناة والنصر النهائي للمصريين.
وتابعت "آرنس" أن إسرائيل تتذكر أيضاً في كل عام الأخطاء التي ارتكبها زعماؤها والثمن الباهظ الذي دفعته إسرائيل كلها جراء تلك الأخطاء، مُشيرة إلى أن ثمة أحد لم يتحدث حتى الآن عن حالة عدم الرغبة في مواجهة الحقائق الواضحة للعيان والتي كانت سبباً للهزيمة وهي أن إسرائيل دخلت الحرب بينما كانت في حالة إنكار ورفض للاعتراف بأن الصواريخ أرض جو السوفيتية المنتشرة غربي قناة السويس استطاعت تحييد جزء كبير من قوة سلاح الجو الإسرائيلي أثناء الحرب.
وأضافت "آرنس" أن إسرائيل كانت غارقة في حينه في نشوة الانتصار الساحق لسلاح الجو الإسرائيلي في حرب 67، والتي أفرزت نظرية فحواها أنه طالما أن مصر لا تمتلك سلاحا جويا قويا قادرا على مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي لن تشن حرباً على إسرائيل، وإذا أقدمت على الحرب رغم كل ذلك وحاولت العبور سيعمل سلاح الجو كمدفعية طائرة ويتصدى فوراً للهجوم المصري ويساعد الوحدات الإسرائيلية الصغيرة المنتشرة في سيناء ويعيد المصريين أدراجهم.
وتابع "آرنس" بأن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية في حينه كانت في حالة إنكار ورفض للتعاطي مع الدروس المستفادة من حرب الاستنزاف، وهي الدروس التي استفاد منها المصريون جيداً، حيث أيقنوا أنهم ليسوا بحاجة لسلاح جو يضاهي سلاح الجو الإسرائيلي لإعلان الحرب على إسرائيل لأن بطاريات الصواريخ الكثيرة يمكنها التصدي للطائرات الإسرائيلية وتغطية القوات المصرية أثناء عبور القناة في الوقت الذي تعجز فيه الطائرات الإسرائيلية على توفير الدعم والحماية للجنود الإسرائيليين في أرض المعركة.
لماذا يوم 6 أكتوبر 73 .. ؟
كان من أبرز أسباب النصر العظيم الذى حققه الشعب المصري فى حرب أكتوبر 1973 أن قادة القوات المسلحة فى هذه الحرب كانوا يعرفون حدود ما هو ممكن من حرب، وما هو مُمكن من الحرب، أما عن سبب اختيار يوم 6 أكتوبر للحرب فقد كان يُناسب يوم عيد الغفران في العقيدة اليهودية ويحتفل به الإسرائيليون، وينخفض عدد الملتزمين بالخدمة ولا يعمل التليفزيون فيصعب استعداء الاحتياط، ومن جهة ثانية فهو يوم نصف ليلة مضيء ونصفها مظلم وهو ما يمكن جنودنا من نقل معداتهم ثم التعامل مع خط بارليف في ظروف مواتية.أما عن سبب اختيار ساعة الصفر للضربة الجوية الأولى لتكون الساعة 2 وخمس دقائق، فيرجع لأن انتهاء النهار يكون الساعة 6 وخمس دقائق، وتستغرق الضربة الجوية أربع ساعات ويجب أن تكون في الضوء .
وقد بدأت الحرب بتوجيه الضربات الجوية العنيفة للنقاط الإسرائيلية بسيناء ثم تبعتها عمل 2000 وحدة مدفعية وخمس فرق مشاة، وخلافاً لكل التقديرات الإسرائيلية والأمريكية، اندفعت قواتهم على الجبهتين المصرية والسورية، في قتال عنيف تحركه الرغبة في استعادة الأرض، واستعادة الكرامة.
وقد تواصلت عمليات القوات المصرية ولكنها اضطرت للتوقف وخاصة بعد قرار وقف إطلاق النار بالتنسيق مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.
دروس مُستفادة من حرب أكتوبر:
أحدثت حرب أكتوبر المجيدة تغيرات عميقة في كثير من المجالات، على الصعيد المحلي لدول الحرب، والإقليمي للمنطقة العربية، كما كان لها انعكاسات على العلاقات الدولية بين دول المنطقة، والعالم الخارجي، خاصة الدول العظمى والكبرى.فعلى الجانب السياسي كانت البداية موفقة، سياسياً، حيث استطاعت الدبلوماسية المصرية حصار النفوذ السياسي الإسرائيلي، وفرضت نطاق من العُزلة على العلاقات الخارجية لإسرائيل، حيث كان الهدف الرئيسي من أعمال القتال هو كسر جمود الموقف، الذي أحدثته سياسة الوفاق بين القطبين العالميين، وقد نجحت نتائج الحرب، في تحريك قضايا المنطقة، والاتجاه بها نحو الحل السلمي، رغم البداية العسكرية لها، وإعادة العلاقات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، والتي قطعت في أعقاب حرب يونيه 1967.
بينما على الجانب الاقتصادي أدت النتائج الإيجابية العسكرية للحرب، إلى تغيير في المناخ السياسي بالمنطقة، بما تبعها من اتفاقيات ومبادرات لإحلال السلام الدائم في المنطقة، وقد ساعد ذلك على انتعاش الاستثمار الخارجي، واتجاه رؤوس الأموال الأجنبية، والعربية، للاستثمار في مصر، وهو ما غير الواقع الاقتصادي المصري، والذي كان على حافة الافلاس، إلى انتعاش، ونمو اقتصادي نسبي. وقد غير ذلك في اتجاهات العلاقات الاقتصادية والتجارية العالمية، والتي تبعت التغير في اتجاهات العلاقات السياسية، بزيادة الاعتماد على الدول الغربية اقتصادياً وتجارياً، وتغير توجهات الاقتصاد العربي، نحو الكتلة الشرقية، ليتحول إلى الكتلة الغربية، شأنها في ذلك، شأن السياسة المصرية، والزيادة المحسوسة في حجم التبادل التجاري البيني للدول العربية، والاتجاه إلى زيادة فاعلية التكامل الاقتصادي العربي .
أما على الجانب العسكري رغم الخسائر الجسيمة، التي حاقت بطرفي الحرب، على جبهة سيناء، فإن كل من الطرفين استطاع أن يحقق عدة أهداف. ولم يحقق كلاهما الهدف الرئيسي من القتال عسكرياً، إلا أن القوات المصرية استطاعت تحقيق عدة أهداف للخطة الهجومية، وكذلك تحقيق عدة أسس للاستراتيجية العسكرية المصرية.
أثبتت حرب أكتوبر أن الأسلوب الأمثل في القيادة، هو وحدة القيادة والسيطرة على القوات لضمان استخدام كل الإمكانيات المتوافرة، بناءً على خطة شاملة لقيادة واحدة، يُجمع عندها الموقف بجميع أبعاده، ويتقرر بواسطتها اتجاهات ومهام التشكيلات والوحدات المرءوسة، علاوة على ما يتيحه ذلك من توفير كافة الإمكانيات.
كما أجمع عدد من أبطال حرب أكتوبر المجيدة الذين سطر التاريخ أسماءهم بحروف من نور أهمية استعادة روح أكتوبر بين كافة أبناء مصر للعبور بمصر من المرحلة الحالية إلى مرحلة النهضة، وأكدوا على أنه يجب أن تمر مصر بالتقدم والتنمية التي يبتغيها ويأمل بها كافة المصريين على غرار توحدهم وتكاتفهم جميعا شعبًا وجيشًا في مرحلة العبور العظيم في أكتوبر 1973، والتي وصفت بأنها كانت ملحمة عزفتها القوات المسلحة بكافة قادتها وأفرادها وعناصرها وخلفها شعب مصر العظيم الذي يقدر للقوات المسلحة دورها الوطني على مر التاريخ، وأنه يجب استنباط الدروس المُستفادة من حرب أكتوبر للعبور بمصر من هذه المرحلة وأولها الإيمان بالقضية التي نعمل من أجلها ويكون لدينا فهم عميق لها من قبل الجميع وكذلك تقديم التضحيات في سبيل الهدف.